ترجمة علم نفس

دائرة الأصدقاء Friend Zone

الكاتب: كيرلس بهجت

شادي ومروة زميلان في العمل، ومع مرور الوقت بدأ يشعر بانجذاب تجاههافحاول أن يعبّر لها أكثر من مرّة عن مشاعره. لاحظت مروة اهتماما ولطفا  في كلام وحركات شادي، لكنّها للأسف لم تكن تشعر تجاهه بنفس الانجذاب. وعلى عكس شادي الذي كان يرغب أن يتطوّر الموضوع لمرحلة أكبر من مجرد انجذاب بين زميلين، كانت مروة ترغب في وضع نهاية للموضوع لأنّها لا تريده أن يتطوّر أكثر. فشادي بالنسبة لها مجرّد زميل عمل، شادي بالنسبة لها في دائرة الأصدقاء Friend Zone.

سنة 1948، قدّم عالم الأحياء Angus John Bateman نظريته العلميةBateman’s principle قاعدة باتمان. و التي تقول أنّه نظرا لأنّ لدى الأنثى عددا محدّدا من البويضات في مقابل الرّجل الذي لديه عدد لا متناه من الحيوانات المنوية، فإنّ الأنثى في أيّ علاقة تكون صاحبة اليد العليا. بمعنى أنّ الطبيعه تعطي للسّيدات أفضلية اختيار الرّجل الذ تراه مناسبا لها. على عكس الرجل الذي يقدّم نفسه للاختبار و”كلٌّ وحظّه” كما يقال.

ما حصل مع شادي هو أنّه قدّم نفسه لمروة لكنّها لم ترَ أنّه الأنسب لها لينتهي الموضوع بالنسبة لها عند هذا الحد. من المفترض أن يستوعب شادي الأمر ويحترم قرارها بكلّ هدوء ونضج ويواصل حياته، لكنّه لم يفعل. بل ودخل في حالة اكتئاب ويأس فظيعة وأصبح يرى ما حوله أسود وحزينا وظلّ سجين السّؤال:” لماذا لست أنت؟”.

في الحقيقة، يا أخ شادي، للسّؤال أجوبة عديدة لأنّ أسباب الرفض كثيرة أيضا. فقد وضّحت Helen Fisher هيلين فيشر في كتابها Why We Loveلماذا نحبّ؟، أنّنا نحبّ حين نستوفي ثلاثة شروط: الانجذاب، الشهوة والتّعلّق. بمعنى أنّه لتقع مروة في حبّ شادي، يجب أن تنجذب له أوّلا وتشعر أنّ شيئا ما مميّزا فيه يشدّها. ثمّ تشتهي التواصل معه سواء عاطفيّا أو جنسيّا، أي أن تشعر بمتعة وسعادة في حضوره معها. وأخيرا أن تتعلّق به، أي أن يلازم تفكيرها حتّى وإن لم يكن معها. لكن للأسف، هذه العوامل توفّرت عند شادي ولم تتتوفّر لدى مروة. وهو بالمناسبة أمر طبيعيّ وليس معيبا، وشادي لم يكن على خطأ في ما شعر به. هناك من يحبّ التفاح، وهناك من يحبّ العنب. لن نستطيع إجبار من يحبّ التّفاح على حبّ العنب غصبا أو العكس، فهذا يجعلنا نبدو مرضى وساديّين.

لكن، صدّق أو لا تصدّق، وإن كان شادي طيبا ولطيفا في تعامله مع مروة وخدوما، وإن كان دائم التواجد حولها ومن السهل الوصول إليه، وإن كان يهتمّ بها بشكل مفرط فهذا سيجعله مرشّحا أكثر لدخول “دائرة الأصدقاء”. فالإنسان بطبعه لا يحبّ الأشياء التي يسهل الوصول إليها والحصول عليها وهذا ما يعرف بـ scarcity principle قاعدة النّدرة. إذ أنّ أغلبنا يقع في حبّ الأشياء التي يصعب نيلها وبلوغها. وهذا ما حصل مع شادي بالضّبط، في كلّ مرّة يكون عدم انجذاب مروة له واضحا في تعاملها معه، والسبب أنّ عقله حين يبذل مجهودا لنيل اهتمامها يترجم هذا المجهود على أساس أنّ الهدف من ورائه عظيم جدّا ويجب بلوغه. على عكس مروة التي تعتبر وجوده قربها أمرا مفروغا منه، لا حاجة للتعب وبذل الجهد للوصول إليه وهذا ما يعزّز وجوده في دائرة الأصدقاء Friend Zone.

في نهاية الأمر، من الممكن أن يظلّ شادي مطوّلا سجين السّؤال “لماذا لست أنا؟”، يتقلّب بين الحزن والتمنّي ويستمع لأغان من قبيل “عيدميلاد جرحي أنا” لهاني شاكر، لكنّ أحدا لن يتأثّر بما يحدث معه أصلا. في ذات الحين، يمكن له أن يستفيد من هذه التجربة ويطوّر من من نفسه فلا يبقى مقيما رسميّا في دائرة الأصدقاء.

فكرة وإعداد: كيرلُس بهجت

إعادة صياغة: نهى سعداوي

المصادر/لمزيد التفاصيل:

هنا

هنا

تعليقات الفيسبوك

التعليقات

عن الكاتب

كيرلس بهجت

نشر..