أدب وثقافة تاريخ ترجمة

لماذا أربكت المرأة المصرية هيرودوت؟

تورين، إيطاليا (سي إن إن) – متخبّطا مرتبكا مثل كثير من السواح، كانت دهشة هذا الرّحالة كبيرة، فهو لم يتوقّع ما وجده: أناس يلبسون على طراز مختلف، يأكلون على طراز مختلف، يكتبون على طراز مختلف؛ يفعلون كل شيء بشكل مختلف. حتى النهر عندهم، يفيض من الجنوب إلى الشمال، لا من الشمال إلى الجنوب. لكن، يبقى أكثر ما أثار دهشة المؤرخ الإغريقي هيرودوت عندما زار مصر في القرن الخامس قبل الميلاد: دور المرأة.

كتب: “النساء يقصدن السوق ويشاركن في أعمال التجارة، في حين يلزم الرجال المنازل ويقومون بالحياكة”. وختم بالاستنتاج التالي: “يبدو من تصرفات المصريين أنهم قد عكسوا النشاطات الإنسانية المعتادة.”

تقول عالمة المصريات فالينتينا سانتيني: “كانت نساء مصر القديمة – الأكثر قوة وتواضعا- متساويات مع الرجال. كان يمكنهن الطلاق. كان يمكنهن الحصول على ممتلكات. كانت لديهن العديد من الحقوق التي لم تحصل عليها نساء الحضارات اللاحقة.”

قادتني سانتيني في جولة في متحف تورين -المتحف المصري- أقدم متحف مخصّص لمصر القديمة، تأسس في العام 1824.

مشهد يبيّن المساواة بين الرجال والنساء في مصر القديمة. حيث، تستقبل ميريت مع زوجها المهندس خا الزوار.

كنا في الغرفة المخصصة لميريت، التي عاشت منذ حوالي 3400 سنة، أثناء فترة المملكة المصرية الجديدة، وتوفيت في عمر الخامسة والعشرين لأسباب غير معروفة. تزيّن الصناديق التي تحتوي على مستحضراتها الشخصية وباقي ممتلكاتها رسوم تُظهِر امرأة واثقة تقف جنبا إلى جنب مع زوجها المهندس المعماري خا، وهما يقدّمان الأعطيات للآلهة ويحييان الزائرين.

يشهد على مكانة ميريت التنوع الكبير للمقتنيات المدفونة معها -باروكة كبيرة مصنوعة من الشعر الطبيعي، أرغفة خبز، مجوهرات، مستحضرات شخصية، ملابس.

في الغرفة نفسها، يوجد تمثال لامرأة وزوجها من الحجر الجيري، نفرتيتي وبينودا. كلاهما في الحجم نفسه والطول نفسه، ويضع كل منهما ذراعه على كتف الآخر. مشهد يوضح مدى المساواة بين الرجال والنساء، وهو لا شك قد أصاب هيرودوت بالدهشة.

تظهر القطع الأثرية المعروضة في المتحف -نفرتيتي- هذه المرأة التي تمتعت بالمساواة الصارمة مع زوجها بيرنودا.

تشير إيفلينا كريستيلين مديرة مؤسسة متحف إيجيزيو: “كان هيرودت على الأرجح منزعجا مما عاين حدوثه غير بعيد عن بلاده. فقد تدرك النساء الإغريقيات الأمر، ويحظين بمثل هذه الامتيازات التي تتمتع بها النساء المصريات”.

كان البانتيون المصري (مجمع الآلهة) يضج بالربّات المهيبات، مثل سيخمت التي يعني اسمها “شديدة القوة”. لدى سيخمت جسد امرأة ورأس لبؤة. كما تفتخر مصر القديمة بالعديد من الملكات القويات مثل حتشبسوت وكليوباترا.

كانت حياة عامة النساء المصريات قصيرة وصعبة، وغالبا ما كانت الولادة مميتة، لكنهن حظين بدرجة من الحماية القانونية، بما في ذلك مواثيق ما قبل الزواج.

قال كريستيان كريسو مدير المتحف: “كانت مكانة المرأة الاجتماعية محددة للغاية. توضّح بعض عقود الزواج التي لدينا، بشكل جلي، الضمانات التي يجب على الزوج أن يقدمها لزوجته من الفضة وغيرها من المقتنيات في حالة الطلاق.”

 

  • المصدر المترجم عنه من موقع “سي إن إن”: هنــــا

 

تعليقات الفيسبوك

التعليقات

عن الكاتب

نور الدّين محمّد

دارسٌ للغة الروسيّة و آدابها، و مترجمٌ عنها.

اضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نشر..