سياسة

تمرّد الثّعالب

في كتاب الحيوان لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ أنّ ثعلبا ربّت ضغابيس، حتى صارت هجارس. فلمّا تخيّل هجرس منها أنّه قادر على الصّيد مفردا غادر الجحر. وكانت الثعلب تراقبه ولا تصدر أيّ إشارة اعتراض. وظلّت شاخصة في إثره ساعة حتى عاد الهجرس ودسّ رأسه بين ساقي الثّعلب وخمد كأنّه ميت، فمنعت عنه صيدها. ومنحت بقية الهجارس، مما تصيد لها. تذكّرت الأمر بعد انتهاء متمرّدي حزب نداء تونس الـ32، وعودتهم خانعين إلى تحت قدمي الباجي الذي لم يقل لهم إلاّ كلمة واحدة “إنه لا يعرفهم، لأنّهم بلا قيمة”.

خالفت الكثيرين ممن رؤوا النّداء ينفجر ورأيت في فرحهم رغبة في انتصار مجاني. لم يدفعوا فيه قيطا ولا قطميرا. بل إنّهم على ربوة الطُّهر الثوري يزايدون على النهضة التي اتسخت بالعمل مع النداء . قلت أن لن يكون للمتمرّدين وجود خارج النداء، لأنّهم بلا مال وبلا ماكينة انتخابية. (وكان رهانهم في تكوين النداء ببقية ماكينة التجمع هو الاستيلاء على هذه الماكينة الثقيلة التي لم تفككها الثورة المتسامحة.)

الآن يعودون أذلاء صاغرين للخضوع تحت أقدام النداء. كأبناء الثعلب العاجزة عن الصيد. بلا برنامج وبلا خطة سوى ما يتفضّل به الباجي والتجمع. سقطت حجّة التوريث وحجج غياب التّسيير الدّيمقراطي. الآن يمكن للباجي أن يبتزهم كما يريد. لن يزعجوه في تحريض النّقابة من خلف ظهره. بل سيجبرهم عن التخلي على مرزوق والعكرمي وبشرى ربما.

تمرّد الثعالب يجعل منها دجاجا. ما ستسمعونه لاحقا لن يكون إلا كتهديد الديوث بقتل زوجته. وقد وجد فوقها رجلا فقال لها: “صحيتك المرة الجاية نلقاك تتكيف”. أمّا الذين ينتظرون خبزة باردة. أعلمهم أنّه يوجد تخفيض في سعر السّواك الحارّ في سوق “بومنديل”.

تعليقات الفيسبوك

التعليقات

عن الكاتب

نور الدين العلوي

اضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نشر..