علم نفس

لماذا يتغيّر أصدقاؤنا بعد الارتباط؟

الكاتب: كيرلس بهجت
كان رامي ومروان صديقين مُقرّبين. لا يمرّ يوم تقريبا دون أن يلتقيا أو على الأقلّ يتّصل أحدهما بالآخر. فجأة، رامي خطب ولم يعد مهتمّا بصديقه مروان كالمعتاد. لا يسأل إلّ من وقت لآخر، حتّى أن” مروان يتّصل أحيانا بصديقه فلا يرد ولا يعيد الاتصال به لا حقا، على فرض أنّه مشغول بأمر ما. وهكذا تحوّل رامي في نظر مروان من صديقه اللمخلص والأقرب إلى شخص نذل، خان كلّ مواثيق الصّداقة. لكن، ما الذي حدث بالضّبط؟

سنه 2010، صدرت مقالة على موقع بي بي سي/BBC بعنوان “Falling in love costs you friends/وقوعك في الحب يكلّفك أصدقاءك”. أذكر أنّها تطرّقت لبحث من إنجاز العبقري Robin Dunbar/روبين دنبار، يقول أنّ مجرّد دخولك في أيّة علاقة حبّ يكلّفك اثنين من أصدقائك! ليس واحدا فقط بل اثنين! لكن لماذا اثنين؟ سبق للعالم روبين دنبار أن صرّح أنّ أقصى عدد ممكن من الزملاء والأصدقاء والمحيطين الذين يمكن أن يحظى به الشّخص ويكون على تواصل أو علاقة -ولو سطحيّة- هو 150 شخصا. مجرّد 150 شخصا، يعرف أسماءهم ومعلومات طفيفة عنهم. لكن هؤلاء المائة والخمسون ينقسمون حسب أهميّتهم فيصغر العدد حتّى يصل لحوالي 5 أشخاص فقط. يعرفهم جيّدا ويعرفونه عن قرب، ولنفسّر أكثر، نعود لنتكلّم عن حالة رامي.

لِنقل أنّ أهمّ خمسة أشخاص في حياة رامي هم: أمه، أبوه، أخوه الأكبر، مروان صديقه المقرّب، شادي جاره وزميله في العمل. ما يحد حين يدخل شخص جديد ضمن الخمسة الأقرب -الخطيبة في هذه الحالة- لن يحذف رامي شخصا من الخمسة المقرّبين، بل اثنين! يعود ذلك لأنّ الشخص الجديد يحتاج تركيزا أكثر من رامي كونه جديدا غير ثابتٍ مثل الخمسة القدامى. وهكذا لاوعي رامي سيراجع ملفّات الخمسة المقرّبين ليقرّر من هما الاثنان اللذان سيضحّي بهما. وفي هذه الحالة، ضحّّى رامي بمروان وشادي غالبا. لكن من الممكن أيضا أن يضحّي بالأب والأمّ وهو ما يفسّر لماذا يشعر بعض الأهل أنّ أبناءه قد تغيّروا في تعاملهم معهم منذ أن ارتبطوا عاطفيّا. وبالمناسبة، تجدر الإشارة إلى أنّ الحديث هنا عن رامي -نموذج أو مثال لرجل- لكنّ الأمر يكون بنفس الطّريقة مع أيّة فتاة.

ما الهدف من حديثنا هذا؟ أحيانا يضطرّ بعض أصدقائنا المقرّبين إلى التخلّي عنّا أو محونا من قائمة “الخمسة الأقرب” ولو مؤقتا، حتّى يتأقلموا مع الضيف الجديد ويتوافقوا معه ويستقرّوا وهذا يحتاج جهدا واهتماما كبيرا. وهذا أمر عاديّ. لذلك لا ينبغي أن نتأثّر ونحزن و”نتقمّص” ونتهمهم بالنذالة وخيانة ذكريات الصداقة وما يشابه هذا من انفعالات. بل بكلّ محبّة ووفاء، نحترم رغبتهم ونقبل الأمر. فلنُركَن خارج قائمة الخمسة بدون ضجة وانفعال، لا بأس! بعد مدّة قصيرة ستجد صديقك قد ملّ خطيبته التي رماك خارج قائمة المقرّبين لأجلها ليعود إليك “هيّا نشرب قهوة، لك وحشة يا صاحبي.”. وبالنسبة لصديقتك التي انشغلت بخطيبها عنك، مواعيد وفسحات، فستجدينها بعد فترة قصيرة قد عادت لتتصلّ بك مجدّدا “أنا مخنوقة، فلنذهب للتّسوّق!”. لهذا استغلوا فترة خروجكم من قائمة الخمسة الأقرب لإعداد العدّة للانتقام من أصدقائكم “الأنذال”!!

فكرة وإعداد: كيرلوس بهجت

إعادة صياغة: نهى سعداوي

المصدر: http://www.bbc.com/news/science-environment-11321282

تعليقات الفيسبوك

التعليقات

عن الكاتب

كيرلس بهجت

اضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نشر..