سينما

Into the Wild/إلى البريّة، تصحيح معنى السعادة

الكاتب: أيمن شلبي

“هنالك أناسٌ يبحثون عن المغامرة، كريستوفر ماكندلس كان يبحث عن نفسه”.

لقد تجاوز هذا الفيلم كونه مجرّد عمل سينمائي، هو أكبر من أن يكون محض مادّة ترفيهية يتمّ عرضها للتّسلية، بل هو مصدر إلهام للباحثين عن أنفسهم.

فيلم Into the Wild من إنتاج سنة 2007 بسيناريو مأخوذ من قصّة واقعية كتبها Jon Krakauer في كتاب بنفس العنوان ليقتبسها ويخرجها كأبهى ما يكون الممثّل والمخرج الإستثنائي Sean Penn ويختار لبطولتها النجم الصاعد Emile Hirsch. عملٌ تمّ ترشيحه لجائزتي أوسكار مع تتويجات عالميّة، أهمّها جائزة أفضل فيلم للعام حسب المعهد الأمريكي للفيلم، كما اعتبره النّقاد أحد أهمّ الأفلام في السّينما الحديثة.

في محاولةٍ منه للإبتعاد عن عالم البشر المزدحم والمعقّد، يتّخذ الشاب الأمريكي “كريستوفر ماكندلس” قرارًا بالتوجه وحيدًا نحو جبال ألاسكا البعيدة دون أدنى تفصيل يربطه بعالم المادّة، بلا مال و لا سيارة و لا هاتف، دون أن يُعلم أحدًا عن مكانه.. في رحلةٍ للبحث عن السعادة.

اضطرّ مخرج الفيلم Sean Penn للانتظار طوال عشر سنوات للحصول على موافقة عائلة “ماكندلس” لتصوير فيلمٍ عن ابنهم الرّاحل. عشرة أعوام كانت كفيلة بمنح المنتجين و فريق التصوير الوقت الكافي لتحضير ركائز تلك التحفة الفنيّة. حيث اعتقد Sean Penn في البداية أن Leonardo DiCaprio سيكون الأفضل لأداء شخصيّة Christopher McCandless، ليستقر اختياره أخيرًا على Emile Hirsch الذي أصرّ على تنفيذ كل اللّقطات الخطيرة في الفيلم بنفسه دون تعويضه بممثّل بديل.

كان اختيار الفنّان Eddie Vedder لكتابة و أداء موسيقى تصويريّة أصلية للفيلم في محلّه، أيضا. حيث طُلب منه إعداد الأغاني دون اطلاعه عمّا سيبدو عليه الفيلم، ليُبدع نغمات ساحرة جعلت من أغلب المشاهد شُعلةً تتوهّج بمشاعر التمرّد والحريّة. عناوين أصلية من قبيل Hard sun ،No ceiling و Guaranteed وغيرها. وهذه الأخيرة “Guaranteed” رشّحته للفوز بجائزة الأوسكار لأفضل أغنية أصلية و تحصّل من خلالها على جائزة الـGolden globe لنفس الصّنف.

الفيلم أعتبره أحد أجمل أفلام الطّريق، إن لم يكن أجملها على الإطلاق. فمن منّا لا تراوده أفكار الهروب من مظاهر المدنية المؤرقة التي تجبرنا على الانقياد وراء شروطها النموذجيّة المملّة، حيث لا يتعدّى مؤشّر السّعادة في حياتنا الحصول على وظيفة ذات أجرٍ مرتفع مع بيتٍ فخم و عائلةٍ ودودة. ماذا عن علاقتنا بأنفسنا؟!

رائعة Into the Wild/إلى البريّة أرى فيها الوجه التّصحيحي لمفهوم السعادة، عكس ما ذهب إليه أغلب من شاهد Pursuit of Happyness، الفيلم الذي حصر معاني السّعادة الواسعة وفلسفة الحياة الشّاسعة في مجرّد الظفر بوظيفةٍ رفيعة الأجر.

في الختام أقول: “من لم يشاهد الفيلم فليشاهده، من شاهده فليعِد فعل ذلك!”

شريط عرض الفيلم/Movie Trailer:

تعليقات الفيسبوك

التعليقات

عن الكاتب

أيمن شلبي

اضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نشر..