إذَا لَم يُضِئ شاعر قَلبَه

إذَا لَمْ يُضِئْ شاعر قَلبَهُ

فِي دُرُوبِ المَتاهَةِ للإخوةِ الخَائِفِينَ

سيستَيقِظُ الذِئبُ منْ نومِهِ فِي سوادِ الغَرِيزَةِ

كَيْ يَبْدَأَ المَجْزَرَة..

 

إذَا لَمْ يُضِئْ شاعر قَلبَهُ 

فِي سَماءِ تُطِلُّ علَى شُرفَةِ اليَائِسينَ

فَقَدْ تُقْدِمُ امْرَأَةٌ دُونَ رَيْبٍ علَى وضعِ سُكَّرِهَا الأنثَوِيِّ

بلاَ أملٍ

قِطْعةً..قِطْعَةً

فِي فَنَاجِينِ قَهوَتِهَا

كَيْ تَذُوبَ بِقاعِ المَرَارَةِ..

أوْ رُبَّمَا لَمْ تَجِدْ مَنْ يُشارِكُهَا الرأيَ

فِي مَا سَتَلْبَسُهُ مِنْ فَسَاتِينِهَا

عندَهَا ..

رُبّما فكَّرَتْ فِي التخلُّصِ منْ جَسَدٍ مُتْعِبٍ

كانَ يطْفُو علَى مَاءِ مرآتِهَا مُستَفزَّ الجَمالِ..

جَمالٍ أرَادَتْ بِقارُورَةِ العِطْرِ

 أنْ تَكْسِرَهْ..

 

إذَا لمْ يُضِئْ شاَعر قلبَهُ

 فِي شِتاءِ التَعَاسَةِ للعَاشِقينَ

فَكَيفَ أرَى سَبَبًا مُقْنِعًا

كَيْ أُسامِحَ مَنْ خلَّفتنِي

وحِيدًا أُعدُّ المساءَ لهَا..

مطرٌ كانَ يبكِي مَعِي..

وأنَا مِنْ ورَاءِ الزُّجاجِ أراهَا تُودِّعُ شخْصًا غَرِيبًا

وتمْسَحُ عنْ شَفتيهَا دَلِيلَ إدَانَتِهَا

قبلَ أنْ تفْتَحَ البابَ ضَاحِكَةً

“قَدْ تأخَّرتُ ثَانِيَةً لازْدِحَامِ الطَرِيقِ حَبِيبِي..

أسألُكَ المعذِرَة..”

 

إذَا لَمْ يُضِئْ شاعر قَلْبَهُ 

فِي دُرُوبِ المتَاهَةِ للمُتعَبينَ

فَمَاذَا أقُولُ لأمِّي إنْ مَسَحَتْ كَفُّهَا عَنْ جَبِينِي دمِي

وهيَ تهمِسُ فِي أُذُنِي

 “لاَ تنَمْ..إنَّ شَمْسَكَ مُشرِقَةٌ

لاَ تنَمْ وانتَظِرْ أنْ أَقُصَّ عليَكَ حِكَايَةَ ليلِكَ..”

ماذَا أقُولُ لهَا وأنَا جالسٌ بينَ غيمِ الَّسماءِ 

إذَا ما دعتنِي لِنشْرَبَ شايَ الصَّباحِ معًا

أو إذَا ما اشْتَرَتْ لِيَ كعكَةَ عيدِي

وثوْبًا لعَامِي الجَدِيدِ..

وكيفَ سأنهضُ مِنْ غَفوتِي كيْ أعَانِقَهَا

كيفَ أسحَبُ مِنْ قيدِ موتِي يدِي

كَيْ أُلامِسَ وجهَ المَلاكِ 

وأمسحَ قطرَ الندَى فوقَ خدَّيهِ

كيفَ أخَبِّئُ عنْ نَاظِرَيهَا ثُقوبَ

الرَّصاصِ التِي فِي ضُلُوعِي

وأسْألَهَا الصَّفْحَ والمَغْفِرَة..

 

إذَا لَمْ يُضِئْ شاعر قلبَهُ 

فِي طَرِيقِ البدَايَةِ للآمِلينَ

فَظِلِّي سيتبَعُنِي ثُمَّ يخدَعُنِي عندَ بابِ الحَدَاثَةِ 

حينَ سيَتُرُكُنِي مُفرَدًا نَاقِصًا

لاَ قَمِيصُ الهُوِيَّةِ يستُرُ عُريَ الطَبِيعَةِ فِيَّ

ولاَ وحيَ يُنبِئُنِي عنْ طَرِيقِي إلَى اللَّهِ..

ثُمَّ يعُودُ لِيُخبِرَ أسْلافَنَا فِي القَبِيلَةِ

“قَدْ صَبَأَ الحَالِمُ..

اختَارَ قومًا سوَاكُمْ

ومِنْ يومِهَا لَمْ أرَهْ..”

 

إذَا لَمْ يُضِئْ شاعر قلبَهُ

فِي صَلاةِ الجَنازَةِللمَيّتينَ

سينهَزِمُ الشِّعرُ مِنْ دُونِ شكٍّ

علَى يدِ غِرْبانِ فَصْلِ الرِّثَاءِ

ولَنْ يعرِفَ القَارِئُ الفرقَ

بينَ القَصِيدَةِ والمَقْبَرَةْ..

ولاَ بُدَّ أنْ يصْرُخَ المُوجَعُونَ

..”دَمُ الاستِعَارَةِ مَنْ أهْدَرَهْ..”

 

إذَا لَمْ يُضِئْ شاعر داخِلِي

قلبَهُ لِي 

فَلنْ أشتهِي غيرَ أنْ أجمعَ الكونَ فِي قبضَتِي

 مثلَ ليمُونةٍ

ثُمَّ أجعلَهُ حفنةً مِنْ رمادٍ

ولاَ تلبَثَ الرِّيحُ أنْ تنثُرَهْ..

 

إذَا لَمْ يجِدْ شاعر داخِلِي

دربَهُ فِي المتاهَةِ  يومًا

سأطفِئُ شمعَةَ حُلمِي

وأطوِي سَماِئي

فيسقُطَ سرْبُ الحَمَامِ

كثلجِ الشَّتاءِ

ويغرَقَ فِي ظُلْمَةِ المِحْبَرَةْ..

  •  القصيدة المتوّجة في “المهرجان الوطني للإبداع الأدبي الشبابي” بتونس، ديسمبر-2015

تعليقات الفيسبوك

التعليقات

عن الكاتب

نضال السعيدي

اضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نشر..