علم نفس

المرأة المحترمة لا تفكّر في الجنس !؟

الكاتب: كيرلس بهجت
من الطّبيعي جدا في أيّ مجتمع، أنّ الشاب أو الرجل يعبّر عن رغبته الجنسية سواء عن طريق الجدّ او المزاح، لكنّه من غير الطبيعي أبدا أن يصدُرَ عن امرأة أو فتاة ما له دلالة عن مجرّد أفكار في موضوع “شائك” مثل الجنس. من هنا تولد الأسطورة المجتمعيّة الشهيرة: “إنّ المرأة المحترمة لا تفكّر في الجنس”!

الجنس والمخ

فلنتفق أوّلا، أنّ الرّغبة الجنسية أو حتّى التفكير الجنسي مصدرها ليس أبدا الأعضاء التناسلية، إنّما المُخ، والذي تشاء الأقدار أن يكون موجودا في جسم الذكر كما هو موجود في جسم الأنثى. فإذا تعرّض الرجل أو المرأة لأيّ إثارة جنسية، سواء من خلال البصر أو حتّى السّمع فإنّ مخّيهما سيستجيبان بنفس الطريقة، لكن الفرق الوحيد يكمن في الهرمونات الجنسية. فعند الرّجل هرمون التستوستيرون/testosterone (هرمون الذكورة) هو المسؤول عن زيادة الرغبة، وهو موجود عند النّساء لكن بنسبة قليلة، وهو المسؤول أيضا عن الرّغبة. فالمرأة مثل الرجل، عندها نفس المخ الذي يمكّنها من التفكير في الجنس، لكن بصورة مُسيطر عليها أكثر منه. لماذا يتجاهل المجتمع هذه النقطة بتصميم كبير ويحرّم على النساء التفكير أو التساؤل بخصوص الجنس؟

Madonna–Whore Complex/عقدة الطاهرة – العاهرة

اكتشف فرويد هذه العقدة عند بعض الرجال. فهم لا يستطيعون ممارسة الجنس مع زوجاتهم لكنّهم يتقنون ممارسته مع غيرهنّ من النساء. فالزوجة بالنسبة لهم “طاهرة/Madonna”، لا يمكن ممارسة الجنس معها. أمّا غيرها من النساء فهي “عاهرة/Whore”، يُسمح له أن يمارس معها الجنس وبشتّى الطّرق. لو تعمّقنا جيّدا في سبب عجز الزوج عن ممارسة الجنس مع زوجته وتعامله معها على أنّها شيء أنقى وأطهر من أن يكون بينه وبينها علاقة جنسيّة، سنجد أنّ الموضوع عبارة عن إسقاط نفسي/Psychological Projection. فالزّوج إذ يفكّر أنّ زوجته شيء يمتلكه وأنّها مقترنة به، يُسقط عليها حاجته لأن يكون مرتبطا أو مقترنا بزوجة عفيفة طاهرة. لذلك فهو يريد أن يحافظ عليها من تخيلّاته الجنسية أو أفكاره الشّهوانيّة التي يظنّ أنّها تلوّث هذا الشيء الطاهر -زوجته-. فالجنس بالنسبة له، يرتبط بالفساد الأخلاقي أو الانحلال الذي لا يريد أن يراه في امرأته.

المجتمع والجنس

وإذ تتوسّع دائرة الإسقاط النفسي، تصبح أيّ أنثى ضحيّة لمجتمع يُسقط عليها عقده وأفكاره. فالمجتمع سيرسم لكلّ النساء صورة “المرأة الطاهرة” التي لا يكن أن تفكّر في الجنس وهكذا أشياء “قليلة الأدب”، لأنّه بحاجة لهذه الصورة. في الحقيقة، القضيّة ليست “امرأة تفكّر في الجنس أو لديها رغبة جنسيّة”، إنّما هي قضيّة مجتمع مصمّم على الربط بين الجنس والطُّهر وجعلهما أمرين متناقضين. وهكذا يخرّج هذا المجتمع أجيالا مشوّهة تربّت على الخوف من مجرّد السؤال لئلّا يتمّ اتّهامها في شرفها و أخلاقها. أجيال تستقي معلوماتها من أفلام مناهضة للحياة الواقعيّة أو من خبرات قائمة على الجهل والعُقد. أجيال تدّعي أنّها لا تفكّر في الأشياء “قليلة الأدب”، لكنّها في الحقيقة ضحيّة لسرطان الكبت الذي ينهش فكرها وروحها وضميرها.

فكرة وإعداد: كيرولوس بهجت

إعادة صياغة: نهى سعداوي

المصادر:

هنا

هنا

تعليقات الفيسبوك

التعليقات

عن الكاتب

كيرلس بهجت

اضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نشر..