تاريخ

وهران .. الباهية الجزائريّة

الكاتب: نهى سعداوي

التسمية والموقع

تُلقَّب المدينة بـ “الباهية”، ويقال أنّ وهران مثنّى كلمة “وهر” وهي وفقا للتّفسير الأكثر شيوعا تعني الأسد بالأمازيغيّة، ربّما لأنّ أسود الأطلس كانت تعيش في المنطقة الجبليّة فيها أو نسبة لواد الهاران أو الجبل الذي أقيمت على قمّته قلعة “سانتا كروز “والذي كان يسمّى “واران”. تقول الأسطورة أنّ آخر الأسود في السّاحل المتوسطي قد اصطيدت في الجبل المجاور لوهران، “جبل الأسود”. وقد أعطى صائد الأسود “سيدي معقود المهاجي” هذا الإسم للمدينة تكريما لأسدين قام بترويضهما. ضريح الصياد موجود حتى اليوم في مقبرة في أحد أحياء المدينة، “حي الصنوبر”. كما يوجد تمثالان من الحجم الكبير لأسدين من البرونز أمام مقرّ بلديّة وهران في إشارة لاسم المدينة.

صورة قديمة لمسجد الباشا بوهران

صورة قديمة لمسجد الباشا بوهران

وهران على حافة البحر، تواجه الميرية على السّاحل الأندلسي ويفصلهما يومان من الإبحار. “مرسى الكبير” هو ميناء ليس له مثيل في كامل الساحل البربري، تقصده سفن الأندلس غالبا. وهران وافرة الثمار. سكّانها هم رجال أفعال، أقوياء وفخورون. -الشريف الإدريسي-

تطلّ المدينة على المتوسّط، وهي عاصمة غرب الجزائر وثاني أكبر مدينة بعد الجزائر العاصمة. تُعَدّ وهران مركزا اقتصاديا وميناء بحريا هاما. كما يعتبر ميناء “مرسى الكبير” أكبر قاعدة عسكرية بحريّة في الوطن العربي وعلى مستوى البحر الأبيض المتوسط والذي استخدمته فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية لدعم تجاربها النووية، ليتحوّل للسيطرة الجزائرية بعد الاستقلال بخمس سنوات.

شاطئ "مداغ" بوهران

شاطئ “مداغ” بوهران

تاريخ وهران

تأسّست وهران سنة 902، على يد البحّارين الأندلسيين: محمد بن أبو عون، ومحمد بن عبدون ومجموعة من البحّارة بدعم من أمراء قرطبة. وقد جعلوا من المدينة مركزا تجاريا، وذلك بعد أن طوّروا خليجها في منطقة “مرسى الكبير”. يعتبر الأندلسيون أهمّ من مرّ على المدينة وقد استقبلتهم لاجئين بعد طردهم مسلمين ويهودا من “إسبانيا”، لكنّها مرّت بمراحل عديدة وكانت تحت سيطرة الفينيقيين والرومان والبيزنطيين والوندال. احتلّها الاسبان والبرتغاليون والفرنسيون ودحرتهم. كما مرّت أثناء الحكم الإسلامي من العباسيين إلى الفاطميين فالمرابطين فالعثمانيين. وهذا ما جعلها مدينة مميزة بموقعها الذي أهّلها لتحتضن حضارات متنوّعة وتكون ثريّة ثقافيّا.

وصول الهاربين من الأندلس لميناء وهران

وصول الهاربين من الأندلس لميناء وهران

تضمّ وهران أكبر تجمّع للحصون العسكرية في أفريقيا مثل قلعة سان فيليب، وسانت أندريه وروزلكزار. كما تضمّ معالم دينيّة متعدّدة ترتبط بالديانات الإسلامية والمسيحية واليهوديّة. بُني “مسجد الباشا” سنة 1797 وقبله بأربع سنوات “مسجد الباي”. تعتبر كاتدرائية وهران، ذات الطابع الروماني البيزنطي التي دُشّنت سنة 1918 بالإضافة لكنيسة “سانتا كروز” التي تعود لسنة 1850 تحت حصن “سانتا كروز” أهمّ المعالم المسيحية. كنيس وهران العظيم الذي يعود لسنة 1917 تمّ تحويله سنة 1975 لمسجد بعد مغادرة اليهود للمدينة طوعا. كما أنّ الكاتدرائية اليوم مكتبة بلديّة وجزء منها يُستغلّ كميدياتيك.

وهران متفوقة على جميع المدن الأخرى بتجارتها وهي جنّة التعساء. من يأتي فقيرا إلى أسوارها، يذهب غنيا.        -ابن خلدون-

كاتدرائية وهران

كاتدرائية وهران

مشاهير من وهران

تُلقّب هذه المدينة الجزائريّة بعاصمة الراي، النمط الغنائي الذي يميّز الجزائر. من أشهر فنّانيها الشاب حسني والشاب خالد. ولعلّ من يألف هذا اللّون الغنائي يعرف الأغنية الشهيرة التي لا تزال تلقى صدى كبيرا، “وهران رحتي خسارة“، حتّى اليوم كونها تتغنى بالمدينة ورجال صنعوا تاريخها. أنجبت وهران العديد من الأبطال والثوريين أيضا، أشهرهم أحمد زبانة وهو أحد أبطال تحرير الجزائر وشهدائها. “سيدي الهواري” الذي تتغنّى به الأغنية أيضا من أعلام المدينة، يَعُدّ أهل وهران الشيخ العلّامة محمد بن عمر الهواري من أولياء الله الصالحين. وقد درس الرجل علوم الدين على يدي الشيخين الذين درّسا ابن خلدون، واستقرّ مدرّسا بفاس. سافر لاحقا عبر تونس وليبيا نحو مصر ودرس بالأزهر، كما أنّه قد زار الحجاز وفلسطين وحضر دروسا بالمسجد الأقصى ثمّ بدمشق. عاد بعدها لوهران واستقرّ بها. حيّ “سيدي الهواري”، الذي يحمل اسمه ويوجد به ضريحه، يمثّل “وهران القديمة” وهو المركز التاريخي للمدينة كونه يحتوي على بصمة مختلف الحضارات والأقوام التي مرت بالمدينة:الإسبانية والعثمانية والفرنسية.

معالم من حي "سيدي الهواري"

معالم من حي “سيدي الهواري”

عن وهران أيضا:

أقام في وهران الكاتب الرّوائي الفرنسي ألبير كامو طويلا وقد كانت مسرحا للعديد من كتاباته. كما أنّ إحدى مراحل رواية “ميغيل دي ثيربانتس” الشهيرة، “دون كيخوته” تقع في وهران.

أشهر أنواع البرتقال في المغرب العربي، الكليمونتين، وهراني الأصل. ففي سنة 1892، استطاع الأب كليمون بعد عملية تهجين من إنتاج نوع جديد من البرتقال الخالي من البذور في حديقة دار الأيتام بمسرغين، وقد نُسب إليه ليكون ما نعرفه اليوم بالكليمونتين.

“مباراة القرن” التي جمعت المنتخب البرازيلي بالمنتخب الجزائري يوم 17 جوان/يونيو 1965، أمام 60.000 مشاهد وبحضور الرئيس الجزائري أحمد بن بلّة، أقيمت في ملعب “أحمد زبانة” بمدينة وهران.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

تعليقات الفيسبوك

التعليقات

عن الكاتب

نهى سعداوي

تونسيّة، متحصلة على الماجستير في اللسانيات الانجليزية. مهتمة بالترجمة ودعم المحتوى العربي. هاوية كتابة. مناصرة للقضية الفلسطينية، لقضايا العرب والمسحوقين أينما كانوا.

اضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نشر..