شخصيات

راشيل كوري

الكاتب: نهى سعداوي

نحن مراقبون دوليون لحقوق الإنسان نحن مسالمون.. نحن مراقبون دوليون لحقوق الإنسان نحن مسالمون.

هكذا كانت راشيل كوري تصرخ في مكبّر الصوت وهي تقف مع نشطاء آخرين أمام الجرافات الاسرائيلية التي كانت بصدد هدم منازل الفلسطينيين في رفح-غزّة لكنّ، سلميّتها لم تشفع لها. فقد ماتت راشيل بعد أن داستها جرّافة جيش الاحتلال الاسرائيلي،  أمريكية الصنع bulldozer caterpillar مرّتين.

انضمّت راشيل كوري إلى حركة التضامن الدولية (ISM) في جانفي/يناير 2003. وكانت المنظمة قد تأسّست سنة 2001 كمنظمة احتجاجية غير عنيفة تهدف إلى دعم القضية الفلسطينية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من قبل الناشطين الفلسطينيين غسان أندوني وجورج ن. رشماوي، الناشطة الاسرائيليّة نيتا جولان، هويدا عراف، وهي فلسطينية من الولايات المتحدة والأمريكي آدم شابيرو. وتدعو المنظمة المدنيين من مختلف أنحاء العالم للمشاركة في أعمال احتجاج غير عنيفة ضد الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية وفي قطاع غزة. سنة 2003، كان 8 نشطاء من المنظمّة في غزة، في رفح تحديدا يتظاهرون أمام جرّافات الاحتلال الاسرائيلي في محاولة لثنيها عن هدم المنازل القريبة من الحدود بين الأراضي المحتلة تحت سيطرة اسرائيل وغزّة. كانت راشيل كوري الطالبة الأمريكية ذات الثلاثة والعشرين سنة واحدة منهم والأمريكيّة الأولى التي تتوجّه للأراضي الفلسطينيّة كناشطة متضامنة مع الشعب الفلسطيني.

لا أعتقد أنّ الكثير من الأطفال -في غزة- عاشوا بدون قذائف الدّبابات وثقوب في جدران منازلهم وأبراج جيش الاحتلال التي تراقبهم عن قرب. أظنّ وأنا متأكّدة أنّه حتّى هؤلاء الصّغار يفهمون أّن الحياة ليست على هذا النّحو في كلّ مكان.

هذا مقتطف من الرّسائل الإلكترونية التي كانت راشيل ترسلها لعائلتها، إضافة لتقارير بما تشاهده كانت تمدّ بها المحطة الإذاعيّة الجامعية في الولايات المتّحدة. فقد كانت تنقل معاناة الفلسطينيّين الذين تتعرّض منازلهم للهدم. يقول كرايغ كوري والدها: “حين قُتلت راشيل، كانت تحمي بيت طبيب فلسطينيّ وكانت تعرف أطفاله الثّلاثة وزوجته. بالنّسبة لعائلة الطبيب، كانوا يعتبرون راشيل مثل ابنتهم. عندما اشترى المنزل، كانت هناك منازل في الجوار وكانت شوارع كاملة بينه وبين الحدود لكن جيش الاحتلال دمّرها جميعا وجاء دور بيته …يقولون أنّها كانت في منطقة حرب فليظهروا لنا منطقة الحرب! إنّها منطقة سكنية يعيش بها الناس وبها جيران وأطفال.”

إنّهم يعيشون في ظروف رهيبة. ما يتعرّض له الأطفال وضع صعب للغاية لهذا أريد مساعدتهم.

هذا ما دفع راشيل كوري للسّفر لغزّة، لتُغتال هناك بطريقة بشعة تحت عجلات جرّافة بتاريخ 16/03-2003. غير أنّ الاحتلال الاسرائيلي ادّعى أنّ “راشيل كوري كانت تعيق أعمال الجيش العسكريّة في تدمير الأنفاق والقضاء على مواقع القنّاصة الفلسطينيين. وأنّ المنظمات الفلسطينيّة قد استعملتها كدرع بشري لنشاطاتها الإرهابية.” لم تسمح قوات الاحتلال للنشطاء والمواطنين الفلسطينيين بتأبين راشيل في مكان وفاتها، لكنّ ذلك لم يمنعهم من مواصلة نشاطهم التضامني، بل إنّ عائلتها قد قدمت لزيارة غزة بعد أشهر من مقتلها.

لم ينس الفلسطينيون راشيل كوري واعتبروها شهيدة قضيّتهم وشهيدة فلسطين. تمّ بعث  مركز راشيل كوري الفلسطيني لحقوق الإنسان ومتابعة العدالة الدولية وأطلق اسمها على شارع في رام الله ويتمّ إحياء ذكراها سنويّا. وإثر فرض الحصار على غزّة، كانت إحدى سفن “أسطول الحريّة” التي أبحرت لكسر الحصار سنة 2010 تحمل اسم راشيل كوري. لا ينسى الفلسطينيّون من يآزرهم ويتضامن معهم بغضّ النّظر عن جنسيّته وانتمائه. يدفعهم إيمان الإنسانية بحقّهم في الحياة، في الأرض والحريّة للسّير قدما في سبيل تحرير بلادهم.

مثل كل الأشياء النقية والثمينة

مثل الخبز المقدس والنبيذ

أحبّ راشيل المشرقة

التي ماتت من أجل فلسطين

كيف تهيم الذئاب القاتلة

في طريق وادي الدموع التي لا تنتهي

يطلقون النار على وجوه الأطفال

بينما يقف العالم مهلّلا

كيف تكون عيون راشيل كوري المشرقة ملقاة في مقابر الموت

بينما تسمَن الطيور الجارحة أكثر، والعالم يحوّل رأسه فقط

يا مسيح، عد وأنقذ هؤلاء الأطفال

ضع حدّا لكلّ آلامهم

ضع حدا لصهيون البشر

فلسطين عودي مجدّدا !

-لاشا داركمون-

 

https://www.youtube.com/watch?v=RFt4tdX7zH4

تعليقات الفيسبوك

التعليقات

عن الكاتب

نهى سعداوي

تونسيّة، متحصلة على الماجستير في اللسانيات الانجليزية. مهتمة بالترجمة ودعم المحتوى العربي. هاوية كتابة. مناصرة للقضية الفلسطينية، لقضايا العرب والمسحوقين أينما كانوا.

اضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نشر..