أحتاج أن أطرح سؤالاً في غاية الأهمية:
ما هي الطريقة الأجدى والأكثر فعالية للسّيطرة على جماهير العالم؟
الجواب بسيط. هما كلمتان: “Mind Control” أو السّيطرة على العقل.
إذا تمكّنت من السّيطرة على العقل، فقد سيطرت على كل شيء تقريبا!
هو أحد أهمّ الأفلام التي تحمل رسالة رمزيّة تُظهر دور الإعلام الخبير في توجيه الشّعوب والسّيطرة على آرائها وقراراتها وتحديد أهدافها ومستقبلها. فيلم The Truman Show أُنتج سنة 1998، من بطولة أفضل نجوم الكوميديا Jim Carrey ~ في واحد من أكثر أعماله جدية، ومن إخراج Peter Weir (صاحب فيلميThe Way Back Official وMaster And Commander) لسيناريو الكاتب العبقري Andrew Niccol (كاتب سيناريو فيلم Time Out ). عمل لاقى نجاحا ضخما من الجانبين النّقدي الفني والتّجاري، وتم ترشيحه أيضا لثلاثة جوائز أوسكار منها أفضل مخرج.
يناقش الفيلم فكرة سيطرة وسائل الإعلام المختلفة على عقول العديد من البشر وإلى أيّ مدى قد يبلغ تعلّق الإنسان بشاشة التلفاز، وما حجم الجرائم التي يسمح بها بتعلّقه هذا. يتقمص جيم كيري شخصية “ترومان” وهو شخص كان يعيش حياة هادئة ولكن تشوبها بعض الأمور الغامضة التي تجعله غير قادر على الاستمتاع بهذة الحياة. فهو لم يسافر ولو لمرة خارج مدينته الصغيرة .. لم يبحر مع والده في مركبهم الصغير أكثر من بضعة أمتار، وفي المرّة الوحيدة التي تعمّقا فيها داخل المياه هبت عاصفة شديدة وغرق والده ونجا هو ومعه إحساس مؤلم بالذنب، معتقدا أنّه السّبب في وفاة والده. أضف إلى كلّ هذا طيف قصّة عشقه المبتورة من بدايتها والذي يزوره من حين لآخر يذكّره بها ويذكّره بحيرته. فما الحلّ للخلاص من هذه الأمور المعقّدة؟
فكرة الفيلم أكثر من رائعة وهي ما جعلت المشاهدين يُعجبون بهذه التحفة. قوّة السيناريو، أنّه مصنّف بين أفلام الخيال العلمي ولكن بنكهة الكوميديا السّوداء لواحد من أساطير الكوميديا في واحد من أهمّ الأدوار التي لعبها خلال مسيرته. قصة خيالية ولكنها تمتّ للواقع بصلةٍ قوية، أقوى حتى من الدّراما نفسها.
عند مشاهدتي الفيلم لأوّل مرّة، لم أتوقّع أن يتجاوز كونه فيلما مسليا لجيم كيري، إلّا أنني اصطدمت بتحفة فنيّة ونموذج مهمّ جدا للأعمال التي تتناول أطروحات وقضايا حساسة. فيلم يمرّ بسرعة في نسقٍ متسارع للأحداث والأفكار والأحاسيس، ثمّ يوقفك أمام نهاية صادمة. فيلم The Truman Show برأيي هو وجبة سينمائية دسمة من أعلى طراز ومن كل النواحي، الإخراج والتصوير والطّرح وخصوصا أداء الممثلين جيم كيري و إد هاريس.
أختم بما قاله الرّئيس البوسني الراحل علي عزّت بيجوفيتش:
” … وتنظر سيكولوجية وسائل الإعلام الجماهيرية إلى التليفزيون على الأخصّ باعتباره وسيلة -ليس لإخضاع الجانب الواعى فى الناس فحسب- بل الجوانب الغريزية والعاطفية، بحيث تخلق فيه شعورا بأنّ الآراء المفروضة عليه هي آراءه الخاصة.”
شريط عرض الفيلم:
اضف تعليق