سينما

The Lives of Others .. عن الفنّ والحبّ والسياسة في ألمانيا الشرقية

the-lives-of-others-حياة-الآخرين
الكاتب: غادة خياط

The Lives of Others /حياة الآخرين : فيلم ذو قيمة إنسانية عظيمة قائم على ثالوث الفنّ والحبّ والسياسة.

فيلم ألماني صدر سنة 2006 حصل على جائزة أوسكار لأفضل فيلم أجنبي كما رُشِّح لجائزة غولدن غلوب وحصد العديد من الجوائز العالمية. وبعيدا عن هوليود، أعتبره من أفضل الأفلام التي شاهدتها. يطرح الفيلم الأسئلة التالية: ما الأثر الذي نتركه في حياة الآخرين؟ ماذا لو أنّ الأفكار والمبادئ التي نعيش من أجلها تصبح وهما؟ كذبا؟ ماذا لو تعارضت مع ضمائرنا وإنسانيتنا؟ هل نتركها حتى وإن كلّفنا ذلك حياتنا؟ أم نُبقى عليها خوفا من العواقب؟

تدور الأحداث في فترة ما قبل الإطاحة بجدار برلين حين كانت ألمانيا مقسّمة إلى شقّين. في تلك الفترة، كانت ألمانيا الشرقية تعيش دكتاتورية النظام الاشتراكي الذي يضيّق الخناق على المبدعين والمفكرين النّاقدين للنظام ويرصد جميع تحرّكاتهم بالاستعانة بشبكة معقدّة من الجواسيس وظيفتهم كتابة تقارير مفصّلة عن جميع تحركاتهم المشبوهة وغير المشبوهة. أمام كلّ هذه القيود يلتجأ الكاتب المسرحي ‘جورج درايمن’ إلى المسرحيّات لإيصال رسائل مشفّرة مضادة للنظام الحاكم ممّا جعله محطّ اهتمام الضابط ‘وايسلر’ الذي كلّف بالتجسس عليه وعلى حبيبته الممثلة ‘كريستا ماريا زيلاند’. فقام وايسلر بزرع أجهزة تنصّت في كامل أرجاء منزلهم وأصبح يقضّي كامل النهار في كتابة تقارير عن تحرّكاتهم اليوميّة.

the_lives_of_others-حياة-الآخرين

جورج وكريستينا

” The Lives of Others ” رحلة داخل الصراع النفسي الذي عاشه الضابط ‘وايسلر’ وكلّ التغيرات التي طرأت عليه جرّاء تتبّعه لحياة جورج و كريستا. هذه العلاقة جعلته يحسّ بالفراغ الذي يملأ حياته ويتساءل عن المعنى الحقيقي لوجوده. فأصبح يهرب من واقعه المكرّر و المملّ لينغمس في تفاصيل حياة العاشقين الثوريين. شيئا فشيئا يجد وايسلر نفسه مهوسا بحياتهما ويقف في مفترق طرق أمام خيارين: إمّا أن يتمّ مهمّته ويقوم بواجبه تجاه النظام الذي لطالما آمن به أو يستجب لصوت الضمير والإنسانية بداخله. هذه التجربة أصحت بداخل وايسلر ضميره النائم الذي تغاضى على جرائم النظام في حقّ الحريّات فقرّر أن يضع حياته على المحكّ لحماية جورج وبذلك يشعر لأول مرّة بانتمائه إلى مبادئ إنسانية حقيقية و لأول مرّة يجد معنى وهدف نبيل في الحياة. وأصبح يزيّف التقارير ويخفي أدلّة خطيرة تثبت تورّط جورج في كتابة مقالات تفضح النظام الفاشي.

هل سينجو وايسلر بفعلته ؟ هل يمكن أن تمرّ خيانة نظام بهذه الصرامة دون عقاب؟ هل محاولاته لحماية جورج ستجدي نفعا؟ ماذا ستكون ردّة فعل جورج حين يعلم بحقيقة الملاك الحارس الذي اختار أن يضحّي بنفسه من أجل حماية شخص غريب لا تجمعه به أية علاقة؟ كلّ هذه الأسئلة ستجدون إجابتها في هذا الفيلم الرائع بأحداثه المشوقة.

لا يمكن أن نتحدّث عن هذا الفيلم دون أن نسلّط الضوء على آداء Ulrich Mühe (وايسلر) الذي كان متفوقا. فرغم أن الشّخصية تقوم على تحوّلات نفسية كبيرة إلا أنه استطاع أن يحافظ على أداء هادئ ومتقن نقل به ببراعة برود الشخصية وتوتّرها المخفيّ وراء قناع الصرامة واللامبالاة. يبدو وايسلر المحور الرئيسي لهذا الفيلم لكنه غنيّ بالعديد من القضايا والأحداث المهمة الأخرى. لعلّ أهمّها الطرق الملتوية التي يلتجأ إليها المعارضون للتعبير وفضح تجاوزات النظام بالإضافة إلى المضايقات والصعوبات التي يتعرّضون لها.

في الأخير، تبقي الكلمة الحرّة أقوى من كلّ سلاح وتبقى الإنسانية أقوى من أي نظام على وجه الأرض.

رابط للمشاهدة مع ترجمة للعربية

شريط عرض الفيلم:

تعليقات الفيسبوك

التعليقات

عن الكاتب

غادة خياط

اضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نشر..