أدب وثقافة مراجعات

10 نقاط استخلصتها من كتاب سلمان العودة “أنا وأخواتها”

 إثر قراءة كتاب سلمان العودة “أنا وأخواتها”، فكرت في المقال الذي سأكتبه: “هل أكتبه مطوّلا وأكتفي بفكرة واحدة أم قصيرا وأتطرّق لعدة أفكار؟”. المقال المطوّل لم يعد يجذب كالقصير المختصر فنحن في عصر الانفتاح المعلوماتي والسرعة. بنقرة فأرة تنتقل من قارة إلى قارة. أحد اصدقائي المقرّبين جدا لا يطيق صبرا على الفيديو أو الصفحة التي تتأخر في التحميل! رأيت ذلك بنفسي. وبالنهاية، قرّرت أنّ الثاني أفضل.

إليكم 10 نقاط خرجت بها من كتاب سلمان العودة “أنا وأخواتها” :

1- نسبية الأنا

عندما أكون مستعجلا، أمشي أسرَع من المعتاد. وعندما أرتطم بأحدهم، أقول ببطء. في أحيان أخرى، أمشي ببطء لاهيا بالجوّال فيأتي أحدهم فيرتطم بي، فأقول عجول، وكأنّه رئيس دولة أو رجل أعمال كبير. الموقف واحد. الأول حكمت عليه بالبطء والآخر بالعجلة لأن الأنا هو مقياس السرعة الثابت وما سواي مطلق. اسال نفسك كم مرّة قد استخدمت هذا المقياس؟

2- كن صادقا في 160 حرف على الأقل

كيف تُعرّف نفسك في “بروفايلك” الشخصي؟ هل أنت حقا كما قلت “القارئ النهم” و”الشاعر المبدع” و”الحليم الراقي ذو الخلق العالي”؟ لا أدري. أنت من يعرف ذلك. وغيرك سيكتشف ذلك من خلال تتبّع منشوراتك، تغريداتك، مدونتك أو تعليقاتك. تويتر يتيح لك 160 حرفا لتعريف نفسك. كن صادقا وحياديّا ولو لمرّة على الأقل. لا أعتقد أنّك تتّبع منطق “بما أنّهم لا يعرفوني سأكتب عن نفسي ما يحلو لي”.

3- نشوة الاسم

“اليوم، تحدّث عنك الأستاذ ومدحك”. “المدير أثنى عليك”. “أبي ذكرك بخير”. “في المجلس، تحدّثوا عنك بثناء وإطراء”. عندما يخبرك أحدهم بهذه الكلمات، تحلّق روحك المعنوية عاليا في السماء. وقد تسأل: “من أخبرك؟ ماذا قال؟”. من أقرب إلى قلبك معلّم يناديك باسمك ويكرّره أم آخر يناديك “يا طالب، يا ولد، يا أخ.” الأوّل بكلّ تأكيد. للاسم لذّة خاصّة، رنّة موسيقية فريدة من نوعها خصوصا إن كان على لسان من نحبّ أو أتى في سياق مدح وثناء. سيدّعي أحدهم عكس ذلك. لا أدري هل هو متكلّف أم يُظهر عكس ما يبطن. لا مانع من الخجل هنا، فهو تواضع وحياء. وربما يكون قد فهم كلام حبيبنا عليه الصلاة والسلام بشكل خاطئ فالرسول استعاذ من شرّ نفسه لا من نفسه.

جرّب أن تنادي أحدهم باسمه وتكرّره وشاهد تأثيره على نفسيّته وعلى تعامله معك.

4- هل يفتخر بك أم تفتخر به؟

المدرّب المستشار الشيخ الدكتور البروفسور فلان الفلاني! إسم طويل جدّا. والمشكلة أنّ ألقابه غلبت إسمه. هكذا هم بعض الأشخاص، يرى ذاته في ألقابه. قال أحدهم لصديق: “يا دكتور”. فأجاب: “لست دكتورا! إسمي فلان.” الألقاب ليست سوى وسام للحمقى. والرجال العظماء ليسوا بحاجة لغير اساميهم. عندما يسألك أحدهم: “من أنت؟” لا تقل له: “الدكتور فلان الفلاني.” عرّف نفسك باسمك مجرّدا ثمّ اذكر مرتبتك العلمية، إن أردت، فالفرق شاسع بين: “معك الدكتور يعقوب.” و”معك أخوك يعقوب وأنا دكتور في كذا وكذا.”

أن يناديك أحدهم بدكتور أو غيره من الألقاب فهذا شأنهم الشخصي. أنا شخصيا أكره مناداتي بلقب أيا كان في غير مقر الاجتماع أو الحدث. أحب اسمي مجرّدا من أي إضافات. البعض يصرّ على تقييد نفسه ورفعها بالألقاب فيضيف كلمة سابقة. لا مانع من أن تعرّف بنفسك بلقبك في المكان المخصص لذلك أو أن تكتبه على أوراقك الشخصية -بل أؤيده- أو أن تضعه طموحا مستقبليا كأن تكتب “دكتور بإذن الله” في صفحتك، ولكن في المكان المخصص لذلك وليس قبل اسمك. البعض يدخل الهندسة والطب طمعا في “يا باش مهندس ويا سعادة الدكتور!”.

5- أعوذ بالله من كلمة أنا

من أكثر الكلمات شيوعا على الألسن وكأنها شر وكلمة محرمة. “أنا” محمودة في محلها ومذمومة في غيره. عندما تبالغ في الأنا هنا نقول لك: “توقف!” أنا تأتي في سياق تكبّر {أنا خير منه} قالها إبليس. يردّد الشعراء كثيرا “كلمة أنا”. بيت المتنبي محفوظ ومشهور:

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي       وأسمعت كلماتي من به صمم

هنا تكون إطراء زائدا للذات، والمتنبي مشهور بذلك. فهو القائل أيضا:

وكلّ ما قد خلق الله وما لم يخلق      محتقر في همتي كشعرة في مفرقي

لنازك الملائكة أيضا، قصيدة بعنوان “أنا” أدعو لقراءتها. يبالغ الشعراء، لذا فالأنا مذمومة. وقد قالت العرب: “إن للشاعر صاحبا من الجن يلقنّه.” ولكن هل يعي أصحاب الأنا المذمومة صورتهم الحقيقة عندما يخلون مع ذواتهم؟

“سلطان العلماء” لقب “العز بن عبد السلام”. ولقبه لم يأتي من فراغ بل وراءه قصة، ابحث عنها واقرأها. ليست “الأنا” دائما مذمومة بل المذموم حينها أن لا تقولها، وهي تأتي للتواضع: {أنا أقل منك مالا وولدا}، وتأتي للتعريف بالمواهب التي قد لا يعرفها غيرك {إني حفيظ عليم} {أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} كما تأتي قي سياق الثقة بالنفس: “من يأخذ هذا السيف بحقه؟” قال أبو دجانة: “أنا يارسول الله.” حينما يقزّم الإنسان نفسه، فأقيموا عليه المآتم.

6- “جزاء سنمار”

مثل مشهور، فما قصته؟ بنى المهندس سنمار قصر الخورنق لملك الحيرة آنذاك النعمان، فقال له: “أعرف لبنة لو سحبتها لانهد القصر وأصبح قاعا صفصفا مساويا للأرض.” احتال عليه النعمان وقتله بدفعه من أعلى قصره الذي بناه. عندما يكون التنافس بين الأنا والأنا، هنا تحدث الصدامات وتكون العواقب وخيمة، بينما التنافس مع الأنا نفسها هو أعظم تنافس وبه تتقدّم في تصاعد مستمر.

7- افرح بانجازك ولكن لا تجعله يقف في طريقك كالعقبة

 “من السهل أن تصل للقمة ولكن من الصعب أن تستمر فيها.” حكمة صادقة جدا، فكم من انجاز جعل صاحبه يرى أنّه قد قدّم ما قدّم ابن القيّم ونظم شعر المتنبي ونثر الجاحظ. وقد يكون إنجازه بسيطا لا يساوي ذرّة مقارنة بأحدهم، ولكنّه الامتحان الذي يسقط فيه الكثير. أرى تحقيقك لإنجاز مهم ورائع ضرورة من الضروريات في الحياة ولكن أن تجعل له تمثالا أمامك، هنا تكمن المشكلة، لأنه سيعيقك عن استكمال المشوار والإنتاجية والعطاء. من المهم أن تنتقل من إنجاز لآخر كمتتابعة لا تتوقف.

إذا كانت النفوس كبارا      تعبت في مرادها الأجسام

قراءتك لكتاب تعلّمك جديدا. إصلاحك بين اثنين إنجاز لفا تستحقره. فالإنجازات الصغيرة وقود الكبيرة. فكلّ ما ترى حولك كان مجرّد فكرة في عقل أحدهم.

8- كلنا يحب نفسه

يكذب من يدّعي عكس ذلك لأن حب النفس فِطرة. قال عمر: “يا رسول الله لأنت أحبّ إليّ من كل شيء إلا من نفسي.” فقال عليه الصلاة والسلام: “لا، والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك.” فقال: “فإنه الآن، والله لأنت أحب إلي من نفسي.” فقال: “الآن يا عمر.” حبّ النفس لا يعني أن تجعلها تسعى للتصدر والبحث عن المناصب واللهث وراء المال بأي وسيلة. إذا كنت تفعل ذلك، فأنت تحب المادة والدنيا التي يجمع لها من لا عقل له كما جاء في الحديث. حب النفس يعني أن تقودها للفوز بالدنيا والآخرة. لا تذلّها وتهينها بل تجعلها عزيزة.

9- “أبو العرّيف”

بعض الأشخاص يعرف ويعلم كل شيء فولادته كانت مختلفة؛ لأنه ولد والعلم في رأسه. عبارة “لا أدري” و”لا أعلم” لا توجد في قاموسه. فهو مفتي الديار وعالم الذرة والمستشار النفسي والمصلح الاجتماعي والمحلل الرياضي والخبير الاقتصادي. يقول د.سلمان العودة في كتابة “أنا وأخواتها”: “أستاذ درسني في المرحلة الثانوية كان واسع الاطلاع. كثيرا ما يقول: أي سؤال يخطر في بالك أجيب عليه! وبعدما يجيب عليه يقول: الرجل الذي أمامك ليس بالبسيط! سألته ذات مرة: ما هي عقدة النرجسية أجاب ما هذا؟ أول مرة أسمع هذا الشيء في حياتي!”

10- ربما العيب فيك

وصلت لأحدهم رسالة على جواله تخبره بفوزه في المسابقة التي شارك فيها، وعليه أن يذهب للمكان الفلاني ليستلم جائزته التي رقمها  66. وذهب بالفعل وعندما وصل طلب منه الموظف أن يرى الرسالة. أخذ الجوال وقال له: “ليست لك، اذهب بعيدا.” فقال: “ألا ترى الرقم؟” قال: “بلى إنه 99 وأنت تقول 66.” يشاهد أحدهم الموقف فيقول: “كان الموظف ممسكا الجوال بالمقلوب!”

أحدهم يشتكي من زوجته، يقول أنّ سمعها ضعيف. فاقترح عليه صديقه الحميم أن يخاطبها من بعيد ثم يقترب شيئا فشيئا حتى يعرف مقدار الضعف في سمعها. وبالفعل عندما دخل البيت سألها عن وجبة العشاء مرة ومرتين وثالثة وكان يقترب مع كلّ مرّة. في الخامسة، ردت وقالت: “خمس مرات أقول لك حلاوة وجبن!” اكتشف أن الضّعف فيه.

تعليقات الفيسبوك

التعليقات

عن الكاتب

محمد علي مهيوب

اضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نشر..