مختصر مفيد

العِطْرُ هوِيَّة والامْتِنَاعُ عَنْهُ إِرْهَاب!

العِطْرُ واجِهةُ ذوقِنَا الشَخْصِيّ. إنَّهُ بعضُ هُوِيَّةِ الجسدِ. لُغةٌ تخاطُبٍ سِرّيَةٌ لكنّهاَ بليغةٌ فصيحَةٌ تختزِلُ الكثيرَ منَ الكلماتِ والعواطِفِ فِي رائِحَةٍ. ومَا أكثَرَ من يتجوَّلُ فِي شوارِعنَا وبركَبُ وسائلَ النقلِ دُونَ بطاقَةِ هُوِيَّةٍ بأجسادٍ بكماءَ لاَ تتكلَّمُ إلّا لتقُولَ قَرَفًا.

التعطَّرُ ثقافَةٌ لمَنْ استطاعَ إليهِ سبيلًا والامْتِناعُ عنهُ عُنفٌ. يَصِلُ إلى حَدِّ الإرْهابِ خاصَّةً حينَ تكُونُ محشُورًا فِي سيّارةٍ للذّهابِ إلى مَكانٍ بعيدٍ وتقضِي الوقتَ كُلَّهُ مُشرَئبًّا بعُنقكَ منَ النافِذَةِ تكادُ تتقيَّأُ أحشاءَكَ وكأنَّ يدًا قبَضَت معدَتَك بعُنفٍ بينَ أصابعِها، لأنَّ أحَدَهُم بِصددِ التَعَفُّنِ بالقُرْبِ منكَ. إنّها طَرِيقَةٌ فِي القتلِ البطَيءِ.

ستُفكِّرُ ألفَ مرَّةٍ أنْ تطلُبَ منَ السَّائِقَ أنْ يترُككَ فِي الخلاءِ ويذهبَ.ستستدعِي خبرَتَكَ فِي التعامُلِ معَ الغازِ المُسيلِ للدُّموعِ ولكنّها لاَ تنفعُ لأنَّهُ شتّانَ بينَ الرّائحَتينِ. سَتُحاولُ النومَ كيْ تفقدَ الوعيَ لكنَّ النومَ “ابنُ كلبٍ” يبتسمُ أمامَكَ هازئًا ولاَ يتقدَّمُ.

وفيِ النهايَةِ، تَصِلُ. تنزلُ. تُسّلمُ علَى أصدقائِكَ الذِينَ يستغربُونَ اصفِرارَ وجْهكَ وامْتقاعَهُ وما يبدُو عليكَ منَ الدُوارِ. تُجيبُهم أنَّكَ تعرّضَتَ لمُحاولَة اغتيَالٍ. يقفُ كُلُّ منهُم ليطلُبَ ثأرَكَ. فتبتسمُ وتُخبرُهُم أنَّ الذِي حاولَ اغتيالَكَ رائَحةٌ. وتبدأُ فِي التقَيُّؤ.

تعليقات الفيسبوك

التعليقات

عن الكاتب

نضال السعيدي

اضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نشر..