تاريخ

عمر، نظام الملك والحسن.. الشاعر،الوزير وزعيم الحشاشين

الكاتب: مصعب محمود

في عصر عجيب من عصور الخلافة الإسلامية وعلى أرض إيران كان هناك ثلاثة أصدقاء يجمعهم وعد بسيط: “من يصل أوّلا لمركز اجتماعي مرموق، يرفع الآخريْن معه في السّلّم الاجتماعي.” مع مرور السنين، استطاع نظام الملك أن يصل لمنصب مهمّ في بلاط السّلاجقة وأصبح وزيرا. طبعا، لم ينس أصدقائه وحقّق لكلّ منهما أمنيته. عمر، طلب أن يُمنح راتبا سنويّا ليتفرّغ لهواياته: الشّعر والطب والفلك. والحسن كان طموحا فطلب أن يُعيّن في البلاط السّلطاني إلى جانب نظام الدّين. وفعلا تمّ لكلّ منهما ما أراده.

أين أصبح الثّلاثة مع مرور السنين؟

عمر، هو عمر الخيّام أشهر شخصية أدبية في تاريخ إيران وفارس. صاحب الرّباعيات المشهورة: رباعيات عمر الخيام. العجيب أنّه فارسي والأعجب أنّ اسمه عمر. يبدو أنّه كان يعيش في عصر مسكين، لا يحتوي شيوخ فتنة يشعلون النار بين المذاهب. نظام الملك، هو الوزير الأشهر في عصر الدولة السلجوقية وكان له دور كبير في تطوير الجيش. أمّا الحسن فهو الحسن بن الصباح الذي توقّف التاريخ طويلا عنده لأنّه ببساطة، أصبح إلها يُعبد من دون الله. فهو مؤسّس الطائفة النزارية أو طائفة الحشاشين التي اشتهرت بالاغتيالات، حتّى أنّ الكلمة الانجليزية Assassin هم مصدرها.

طبعا طموح الحسن بن الصباح تضارب مع منصب صديقه نظام الدين فنشأت العداوة المعتادة. وهرب الحسن بن الصباح إلى مصر. لا أعلم كيف أقنع حاكم مصر وقتها، المستعصم بالله أن يقرّبه منه، إلّا أنّ شخصيّة الصباح كانت تبحث عن سبب يُجمع به الأتباع حوله ليبدأ رحلة المجد والسلطان والانتقام من أيّ شخص وقف في وجه طموحه، وجاءت الفرصة بمصر على طبق من ذهب. كان لحاكم مصر المستنصر بالله ولدان هما نزار الدين والمستعلي. طبعا ولاية العهد كانت تتأرجح بين الاثنين، راهن الحسن على نزار بينما كان وزراء الحاكم المصري الذين كانوا أقوى من الحاكم نفسه يريدون المستعلي وكان لهم ما أرادوا. مع وفاة حاكم مصر انتقل الملك للمستعلي وتمّ قتل نزار. هرب الحسن من مصر ليرفع شعار “قتلوك نزار” وأقنع الناس أنّ نزار شهيد وأنّه الأحقّ بالحكم. ونجح بجمع عدد كاف من الأتباع ليعود إلى ايران ويؤسّس الطائفة النزارية التي اصبحت تسمّى طائفة الحشاشين.

سيطر الحسن بن الصباح على قلعة ألموت وهي قلعة حصينة موجودة بوسط جبال البرز أو جبال الديلم جنوب بحر قزوين. وقد نفّذ أتباعه اغتيالات طالت كلّ شخص في إيران تقريبا وزراء، علماء، قضاة وقادة جيش حتّى نظام الملك صديقه القديم، تمّ اغتياله عن طريق الحشاشين بأمر منه ليحقّق انتقامه. كان التنظيم شديدا بلغ صداه العالم الصليبيّ، وقد كانوا يقتلون دون تردد. بلغ الصباح سطوة لم يصلها أحد بالتاريخ تقريبا. ووصلت عمليات الاغتيال التي قام بها أتباع الطائفة النزارية أو الحشاشين إلى كلّ مكان من إيران لمصر مرورا بالعراق والشام. اغتالوا خلفاء وسلاطين ووزراء وصلييبين وروم. كان البيت الذي لا يعود رجله بعد صلاة العصر يقيم أهله عزاء وغالبا كانوا على حق.

تعليقات الفيسبوك

التعليقات

عن الكاتب

مصعب محمود

اضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نشر..