تاريخ مجتمع

عيد النيروز .. القصّة وراء الاحتفال الكردي

عيد النيروز أو النوروز هو اليوم الذي تُبدِل فيه الأرض ثوبها الشّتوي بالرّبيعي الأخضر الممزوج بألوان الزهور، وذلك في صبيحة الواحد والعشرين من آذار. وهو ما اصطلح المناخيون والجغرافيون علىى تسميته بالانقلاب الربيعي. وبما أن للإنسان ارتباطه العميق والقديم بالطّبيعة وتحوّلاتها فقد كان لهذا اليوم نصيب من الاحتفاء به منذ الوجود البشري العاقل. حيث كان الإنسان مرتبطا بالطبيعة، مذهولا بها وبالسماء. تخيّل وأوجد لنفسه آلهة من وحيها (الشمس – الريح – البحر – الخصب – القمر….إلخ ). ومن هذا وعبر الاكتشافات و الدّراسات التاريخية، فقد كان لهذا اليوم “النيروز” نصيب في الأساطير والميثيولوجيا لدى الشّعوب القديمة و حضاراتها كالسومرية والبابلية والميتانية والميدية. ومنها انتقلت إلى اللّاحقين، فكان هذا اليوم هو ولادة الأرض ورمز النّماء وانبعاث النور ويوم جديد “nuh roj “.

احتفال النيروز 2015 في ديار بكر

احتفال النيروز 2015 في ديار بكر

ولعل شعوب منطقة “ميزوبوتاميا”، وهم أصحاب حضارة زراعيّة وارتباط وثيق بالأرض وتحوّلاتها، كانوا يعظّمون هذا اليوم ولا سيما الشعب الكردي الذي لا يزال مرتبطا بأسلافه عبر الاحتفال بهذا اليوم السعيد الذي مجدوه عبر الزمن. ارتبط النيروز بحادثة انتصار البطل الكردي كاوا الحدّاد على الملك زاهاك –الضحاك- الظالم. وليس هناك شكّ بهذه الحادثة من حيث وقوعها، لكن ربّما هناك مبالغة قصصية تعوّد الناس إضافتها للإثارة. تقول الحكاية أنّ “كاوا ” الشاب الكردي القوي الذي كان يعمل حدّادا، وذاق مع قومه العذاب والهوان من الملك الفارسي الظالم “زاهاك” الذي حكم في القرن السابع قبل الميلاد، قرّر وقطع على نفسه عهدا بأن ينهي هذه العذابات ويدخل قلعة زاهاك ويقتله ذبحا كما فعل بشباب الكرد ورجالهم. وأشار بأنه سيرفع شعلة أعلى القلعة عند انتهاء مهمّته التي نفّذها بنجاح في ليلة الحادي والعشرين من آذار حيث أشرقت شمس الحرّيّة والخلاص في اليوم التالي.

Newroz-Meriwan-1

من كل ما سبق، نرى أنّ احتفال الكرد بهذا اليوم ينبع من أسس ميثيولوجية قديمة ومن حادثة ” كاوا ” التي هي رمز للخلاص من الظلم. فتبدأ احتفالاتهم بإشعال النار في ليلة النوروز والرقص والتصفيق حولها استحضارا لتلك الحادثة. وفي الصّباح التالي يرتدون الملابس الزاهية التي تدل على ألوان الربيع (أخضر – أحمر – أصفر) ويخرجون إلى الطبيعة كما فعل الأقدمون. ويبدأون بممارسة ألوان الفرح والمحبّة من غناء ورقص وتبادلٍ للتهاني.

لابد من الإشارة إلى أنّ هناك شعوب آسيوية وسطى تحتفل بالنيروز مع اختلاف الخلفيّة الثّقافية لهذا الاحتفال عندهم. كما تختلف صور الاحتفال بالنسبة للأكراد من منطقة لأخرى حسب مساحة الحرية المسموحة والتّأثير الدّيني أو الثّقافي. فأكراد شمال العراق يخرجون على شكل مجموعات في ما يشبه الرحلة إلى مناطق خضراء جميلة خارج المدن، أمّا في سورية فيجتمع النّاس بالقرب من المدن وعلى تلال ويحتفلون معا وفق برنامج مسرحيّ يتضمّن كلمات وشعرا وغناء ومقاطع مسرحية. في تركية وإيران، نجد الأمرين معا في حين يقيم المغتربون احتفالا داخل صالات خاصة.

أغنية كردية تتغنّى بالنيروز أو النوروز

https://www.youtube.com/watch?v=VwmxagLsJmo

تعليقات الفيسبوك

التعليقات

عن الكاتب

محمود القادري الحسيني

اضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نشر..