سينما مراجعات

فيلم أسماء : حين يكون المجتمع قاتلا لا الإيدز !

الكاتب: غادة خياط

أسماء هو فيلم مصري درامي مصنّف كثاني أفضل فيلم مصري على موقع IMDB بتقييم 8.4 . صدر سنة 2011 من إخراج عمر سلامة الذي اشتهر بعديد الأفلام الناجحة، من أهمّها: ‘زي النهاردة’، ‘فيلا 69′ و’لا مؤاخذة’ وغيرها.

موضوع الفيلم

كانت هند صبري أول إسم اختاره عمر سلامة لتجسيد دور البطولة، فقبلت رغم جرأة الفيلم و موضوعه الذي نادرا ما تم طرحه في الأفلام العربية. تدور الأحداث حول ‘أسماء’، أمّ تعمل كموظفة في المطار تعاني من مرض ‘الإيدز’ ومنذ أول مشهد نراها وسط مجموعة من المصابين يتشاركون قصصهم وتجاربهم والصعوبات التي يواجهونها أمام مجتمع لا يرحم.

قبل مشاهدة الفيلم، سوف تنتظر قصة امرأة مصرية تحارب مرضها. وتنتظر أن يصور الفيلم صراعها لمواجهة الموت لكن، في الحقيقة الفيلم لا يشن حربا على المرض، بل يشن حربا على الخوف. الخوف من الناس ومن اكتشافهم لمرضهم. الخوف من أصابع الاتهام التي ستوجه إليهم ووصمة العار التي ستلاحقهم أينما ذهبوا. الخوف الذي فرض عليهم الصمت والعيش في الظلمات والتنازل عن أبسط حقوقهم. الفيلم يحارب مرض المجتمع لا مرض ‘الايدز’ ويدفع كلّ مصاب بهذا المرض إلى الخروج إلى النور ومواجهة الناس. وهذا ما جعله فيلما استثنائيا مكّننا من رؤية الأشياء بمنظور مختلف.

نقطة التحول

الحدث القادح هو معاناة ‘أسماء’ من مرض المرارة الذي يهدّد حياتها ويسبّب لها نوبات من الألم فنصحها الأطباء بالقيام بعملية جراحية في أقرب وقت ممكن. رغم توصيات أبيها بعدم البوح بمرضها لم تستطع ‘أسماء’ كتمان هذا السر عن الأطباء فأخبرتهم بمرضها في غرفة العمليّات. أصيب الطاقم الطبي بالارتباك ورفضوا إجراء العملية وطردوها من المستشفى. وهذا ما دفع ‘أسماء’ للخروج عن صمتها.

إلى متى سيحكم عليهم المجتمع بالإعدام؟ إلى متى ستبقى أبسط حقوق البشر حلما بالنسبة لهم؟ متى سيعاملهم المجتمع والأطباء كإنسان و ليس كوباء يجب التخلص منه؟

تجد أسماء نفسها أمام طريق مسدود لكنها تصر أن تجد طريقة لتقوم بالعملية وتبعث الأمل في من يعانون من التهميش بسبب ذنب لم يرتكبوه. وتجد فرصة العمر. تجد أسماء فرصة لتواجه وتفضح وحشية المجتمع، فرصة الظهور في برنامج تلفزي لتخبر قصتها للعالم لكن بشرط أن تظهر دون أن يغطّى وجهها. هل ستقبل أن تكشف لكلّ الناس السر الذي كتمته لسنين؟ السر الذي أخفته حتى عن ابنتها؟

ماضي أسماء

الفيلم يروي لنا أيضا ماضي ‘أسماء’ وكيف أصيبت بمرضها. يأخذنا المخرج إلى ومضات من الماضي، ماضي أسماء، الفتاة القروية التي وقعت في الحب. الفتاة التي ترفض منذ صغر سنها الخضوع لقواعد المجتمع وتعيش حياتها بطريقتها الخاصة. كيف أصبحت تلك الفتاة الريفية الثائرة امرأة مكسورة وسط فوضى المدينة؟ هذا ما سيخبرنا به المخرج بانتقاله السلس من ماضي الشخصية إلى حاضرها طوال الفيلم.

ما هو الماضي التي تخفيه ‘أسماء’ عن الجميع؟ هل ستقبل أن ترفع الستار  تظهر على شاشة التلفاز لتدافع عن حقها وحق الكثيرين مثلها؟ هل تستطيع مواجهة عواقب جرأتها؟ سيجيب الفيلم عن هذه الأسئلة وسيسلط الضوء على قسوة مجتمع إسلامي من المفترض أن يكون الأكثر تسامحا و رحمة.

الأداء، الإخراج والموسيقى

أداء هند صبري كان رائعا و مؤثرا. استطاعت أن توصل الألم والمعاناة التي يعيشها الكثيرون. ولا أستطيع أن أنسى ملامح وجهها في مشهد من أكثر المشاهد تأثيرا في الفيلم حين قالت ‘أسماء’ مخاطبة الناس:

أنا حين أموت لن أموت من مرضي، أنا حين أموت سأموت من مرضكم أنتم.

الفيلم هادئ وبسيط لكنه عالج القضية بعمق وتميز: سيناريو رائع أخذ من الكاتب عمر سلامة سنينا لإنهائه وإخراج ينم عن الكثير من الإتقان خاصة في المراوحة بين خطين زمنيين مختلفين في نفس الوقت.

الموسيقى التصويرية غائبة إلا في آخر 10 دقائق من الفيلم. وقد كان هذا اختيار المخرج الذي صرّح أنه استغنى عن الموسيقى لأنّ الفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية. كان يريد تقديم الفيلم كحقيقة دون موسيقى.

أخيرا يجب أن نذكر أن الشخصية الحقيقية التي ألهمت المخرج ماتت بسبب مرض المرارة وليس بسبب ‘الإيدز’. وقصتها تجعلنا نؤمن أن الإنسانية على أبواب الانقراض.

#فيلم_باهي_مصري
#فيلم_باهي_دراما

تعليقات الفيسبوك

التعليقات

عن الكاتب

غادة خياط

اضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نشر..