سينما

ما السر وراء نجاح السينما الإيرانية ؟

الكاتب: محمود نصار

وصيَّة السينما الإيرانية: “تحسب أنَّك جرمٌ صغير وفيكَ انطوى العالم الأكبر”

لماذا استمع العالم؟

لأنّ الصوت كان مُختلفًا عن السائِد. شيء غير الذي اعتادوا رؤيته. إنها ذاتها.. تِلكَ الحكايات البسيطة عن الهموم اليومية التافهة التي تَحمل في طيَّاتها الحَياة كُلها. الإيرانيون آمنوا حتى بالفُتاتِ في بلادِهم.. تعاملوا مع كل التفاصيل المُعتادَة بدَهشةٍ ومحبَّةٍ وعِشق، فبدت ذات مَعنى وروح مُختلفة، تُعبّر عنهم، عنهم وحدهم.

لماذا دارت أغلب الأفلام الإيرانية في القرى البسيطة؟

لأن «هؤلاء هم أهلنا» كما أجابَ «محسن مخملباف» يومًا. لهذا يُمكن أن تَجوب الطرق عدَّة أشهر كي تَستمع لهم، تتعامل مع كل موقف عابر باعتباره حَدثًا يجَب أن ترويه، تُراقب النَّبت لأسابيع وهو يُولَد كي تَزداد صِلتك بتلك المَدينة. العالم بالنسبة لَك هو هؤلاء، حتى وإن كَرهوك، لأنهم «مَلح الأرض وإن كانوا لا يعلمون».

الأطفال في السينما الإيرانية

في نُقطة أقرب، وأكثر تفصيلا، هناك «الأطفال»، الكثير من الأطفال في الأفلام الإيرانية، لأن «العالم عندهم أصغر وأكثر صِدقًا» بحسب ما يرى «مجيد مجيدي»، ولأن «تعبيراتهم وهمومهم المُستقلة أكثر إثارة للاهتمام أحيانًا من شيء يقدمه مارلون براندو» كما يعتقد «كياروستامي». ومن المُدهش والمُوحِي حقًا أن أغلب الأفلام التي عَرَّفت العالم على السينما الإيرانية وجيلها هذا كانت من بطولة أطفال.

«كياروستامي» كان المُلهم الأول كالعادة حين تَناول في «أين يقع منزل صديقي؟» هاجسنا الطفولي الأكبر في أن يسأل المُدرّس عن كراسة الواجب التي نسيناها في المَنزل. «أحمد»، بطل الفيلم، يحاول البحث عن بيت زميله في المدرسة «محمد رضا» ليأخذ منه الكراسة التي نسيها معه لأن المدرس سيعاقبه غدًا لو لم يقم بواجبه. وفي تِلك الرحلة التي تدور في القرية الكثير من إيران، الكثير من الأرضِ والنَّاس، يُمكنك أن تتنفس هواءً فارسيا وأنتَ تُشاهد هذا الفيلم.

الطفل في «سائق الدراجة» لـ«مخملباف» رُكن أصيل في حكاية عن الأب الذي يُحاول إنقاذ الأم المريضة. وهو الحكاية كلها في فيلمِ «جعفر بناهي» الأول «البالون الأبيض» الذي كتبه «كياروستامي» عن طِفلة في السادسة تُقنع والدتها بإعطائها مالا لشراءِ «سمكة زينة ذهبية» احتفالا بالعيد، وحين يسقط منها المال في «بالوعة» نجلس معها قرابة الساعة – زمن الأحداث هو زمن الفيلم الحقيقي – في مُحاولة لاستعادته.

الطّفل هو الحِكايات كلها في أفلام «مَجيد مجيدي».. هو الذي يكبر قبل الأوان مُتحملا مسؤولية العائلة في «الأب»، وهو الفقير الذي يفقد حذاء أخته الجديد ويحاول البحث عن حَل يجعلها تذهب إلى المدرسة في «أطفال الجنة»، وهو أعمى في الثامنة من عمره يحاول إدراك الطَّبيعة والحياة بحواسه الأخرى ليرى «لون الجنَّة».

الأطفال والقرى كانوا العالم الأكبر في إيران. الكُلفة كانت لا شيء، والإيمان بالأرضِ وناسها كان كل شيء، والحَصاد كان تواجد السينما الإيرانية على الخريطة العالمية باحترامٍ بالغ، قبل أن تصل عام 1997 إلى ما هو أبعد.

المصدر

تعليقات الفيسبوك

التعليقات

عن الكاتب

محمود نصار

اضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نشر..