سياسة و مجتمع

القبعات البيضاء في سوريا: حين تصبح جائزة نوبل “ترضية”

الكاتب: حسام ملحم

أعتقدُ أنَّ “جائزة نوبل” التي باتت في الوعي البشري المسطّح معادلاً “للضمير الإنسانوي الثقافي العلمي البحثي إلخ إلخ” مجسَّدا بمن يتم منحه هذه الجائزة. الجائزة التي رفضها في غيرِ مناسبة كلٌّ من:

 الكاتب الإيرلندي جورج برناردشو (نوبل للآداب)

إن هذا طوق نجاة يلقى به إلى رجل وصل فعلا إلى بر الأمان، ولم يعد عليه من خطر، وإنني أَغفِر لنوبل أنه اختَرع الديناميت لكنني لا أغفر له أنه اخترع جائزة نوبل.

الكاتب والفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر (نوبل للآداب):

إن على الكاتب أن يرفض تحويل نفسه إلى مؤسسة حتى لو كانت بأفضل أشكالها.

لكنّ الرفضَ الأهمَّ والأعمقَ والذي يحمل تعريةً لـ “أنبل” جزء من الجائزة، الخاص بـ “السلام”، فقد قام به السياسي الفيتنامي لي دوك ثو (والذي تم منحه الجائزة مناصفة مع وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر عام 1973) معتبرا أنّ “السّلام لم يكن موجودا على أرض فيتنام” عند منحه الجائزة.

الجائزة التي نالها ولم يرفضها كلّ من:

  • الرئيس المصري الراحل أنور السادات مناصفة مع كل من الرئيس الأمريكي جيمي كارتر ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيجن. 1978 (نوبل للسلام)
  • الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مع شيمون بيريز واسحق رابين “لما بذلوه من جهود لتحقيق السلام في الشرق الأوسط”. 1994 (نوبل للسلام)
  • الرباعي الراعي للحوار الوطني التونسي “لمساهمتهم في إنجاح مسار الانتقال الديمقراطي في تونس والخروج بالبلاد من أزمة سياسية، إلى جانب جعل تونس دولة الربيع العربي الوحيدة التي تُنجح مسارها.” 2015 (نوبل للسلام)

أعتقد أن منح أصحاب القبعات البيضاء “جائزة نوبل للسلام”، معادلٌ لمنح بشار الأسد “جائزة نوبل للحرب” وإعطاءه جميع الأضواء لاستمرار القتل، من باب أن العالم أراح ضميره تجاه السوريين وقام بالتزاماته “الأخلاقية والوجدانية” تجاه قتلاهم، عبر منح أولئك الجنود المجهولين، جائزة ترضية، ليمسحوا بها يوميا ما يعلق على وجوههم من غبار ودمٍ وأشلاءٍ تنتج عن القصف.

الجائزة الحقيقة لهؤلاء الأبطال، ولكلّ الضحايا السوريين الذين قُتلوا، والذين ينتظرون دورهم، هو وضع حدّ لآلة القتل المشتركة “النظام السوري/ التحالف الدولي، تنظيم الدولة الإسلامية، جبهة النصرة وغيرهم ” والتي تفرم السوريين يوميا بالمئات.

ربما وقفة تضامنية لبضعة آلاف في كلّ عاصمة من هذه العالم الموحش، مرتدين جميع أنواع القبعات، ثم رفعها والانحناء لأبطال القبعات البيضاء، أفضل من كل جوائز الترضية هذه.

تعليقات الفيسبوك

التعليقات

عن الكاتب

حسام ملحم

اضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نشر..